الأربعاء، 10 أغسطس 2011

مباركم عليكم الشهر




الحمد لله الذي قال في كتابه الكريم (( يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم
تتقون ))  والصلاة والسلام على النبي الذي بشر فقال :( للصائم فرحتان , فرحه عند لقاء ربه , وفرحه عند
إفطاره )) ومن قال :(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))
أما بعد : فقد زارنا أشرف الشهور ... بعد غياب طويل ... وبعد شوق عظيم .. فمن طول فراقنا له وشوقنا إليه ..
. ذابت الأحداق في انتظاره...وتمزقت القلوب والأكباد من طول فراقه ... فها هو قد أتانا حاملاً بين يديه العتق
والرحمة والمغفرة من الله عز وجل .
أتاك شهر السعد والمكرمات
فحـيـه في أحسـن الذكريـات
ياموسـم الغفـران أتحـفـتـنا
أنت المنى يازمان الصالحات
أتى هذا الشهر, ليقول للناس : إن رحمة الله قريب من المؤمنين . أتى هذا الشهر, ليغتسل أهل المعاصي من
أدران الذنوب بماء التوبة الطاهر النقي , أتى هذا الشهر... ليكون سلوه للنفس ... إنسا للقلب ... بلسماً للهموم  .
فيا أهل الصيام ويا أهل القيام ابشروا وأملوا من ربكم ما يسركم :
يا صائماً تـرك الطعـام تعفـفــاً
أضحى رفيق الجوع واللاواء
أبشر بعيدك في القيامة رحمهً
مــــحـفوفـــة بالــبـر والإنـداء
اما بعد ننظر في هذه المطويه إلى بعض الأحكام الواجب معرفتها عن هذا الشهر العظيم :
أولاً : من فضائل الصيام  :
1- يقول عليه الصلاة والسلام: يقول الله عز وجل:  ((كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف
إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره ،
وفرحةعند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله الله من ريح المسك )) متفق عليه .
2- - وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان , ويخبرهم عليه
الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل فيه الشياطين قال صلى
الله عليه وسلم:(( إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وغلقت أبواب جهنم فلم
يفتح منها باب، وصفدت الشياطين، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة))  رواه الترمذي وابن ماجه
3- خص الله الصائمين يوم القيامة بباب من أبواب الجنة خاص بهم لايدخل منه الا هم . ففي الصحيحين عن سهل
بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إنَّ في الجنَّةِ باباً يُقالُ لهُ الرَّيّانُ، يَدخُلُ منهُ الصائمونَ
يومَ القِيامةِ لا يَدخُلُ منه أحدٌ غيرُهم، يقال: أينَ الصائمون؟ فَيقومونَ، لا يَدخلُ منهُ أحدٌ غيرُهم، فإذا دَخلوا أُغلِقَ، فلم
يَدخُلْ منهُ أحد)) .
من مستحبات الصيام في شهر رمضان
- الإكثار من العبادات بأنواعها كقراءة القرآن وذكر الله وصلاة التراويح وقيام الليل وكثرة الإنفاق والبذل في سبل
الخير فأن الحسنات تكون مضاعفه بأذن الله تعالى .
- حفظ اللسان عن كثرة الكلام وكفّه عما يُكْرَه فإن شتمه أحد سُنّ له أن يقول جهرًا: "إني صائم" لحديث أبي
هريرةـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا
يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم .
- يُسَنّ للصائم أن يتسحر لقول النبي ـ صلى الله عليه  وسلم: "تسحَّروا فإن في السحور بركة
- يُسَنّ للصائم أن يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء.
- سَنّ أن يقول عند فطره: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله"  ويكثر من الدعاء حينئذ؛ فإن للصائم
عند فطره دعوة لا ترد ....
  تفطير الصائم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من فَطّر صائمًا فله مثل أجره، من
غير أن ينقص من أجر الصائم شيء"
بعض مكروهات الصيام
المبالغة في المضمضة والاستنشاق عن الوضوء، لقوله صلى الله عليه وسلم-: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن -
تكون صائما» [صححه الألباني].
فقد كره -صلى الله عليه وسلم- المبالغة في الاستنشاق خشية أن يصل إلى جوفه شيء من الماء فيفسد صومه.
- جمع الريق وابتلاعه، أما بلع الريق بغير جمع فلا يكره. أما بلع النخامة سواء أكانت نازلة من الرأس أو خارجة
من الصدر فيحرم بلعها، لو بلعها متعمدا، قيل: يفسد صومه وقيل: لا يفسد وهو صحيح
- تذوق الطعام لغير حاجة: وذلك بأن يجعله على طرف لسانه ثم يمجه، لما في ذلك من تعريض الصوم للفساد.
-إعلان أصحاب الأعذار الفطر مع إمكانية الإسرار به، لما في ذلك من جر التهمة إلى نفسه،وتغرير
الجاهل و تجرئته على الفطر بغير عذر.
- ترك الصائم بقية طعام بين أسنانه، لأنه يمكن أن يبلعه فيضر صومه، وهو ينتن رائحة الفم ويؤذي بذلك الخلق.
- النوم أكثر ساعات النهار مع القيام لأداء الصلوات في مواقيتها مع الجماعه وينام بين كل صلاتين فهذا يكره إذ
يفوت عليه أجور كبيره ولأنه لا يشعر بالجوع والعطش اللذين هما من حكم الصيام ولأنه يؤدي إلى السهر ليلاً
وهو مكروه لغير الحاجه .
- تقبيل الرجل زوجته ومداعبته لها بغير الجماع لمن كان  سريع الشهوه . والله أعلم .
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان
كان من هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان: أن يكثر من الذكر والتبتل والاستغفار والمناجاة والدعاء، فإنها
حياة القلوب.  كان يواصل الصيام وينهى الصحابة عن الوصال، فيواصلون ويقولون: يا رسول الله إنك تواصل،
أي: مواصلة الليل بالنهار، قال: {إني لست كهيئتكم } وفي رواية: {لست بمثلكم، إني أبيت عند ربي يطعمني
ويسقين } وفي رواية: {إن ربي يطعمني ويسقين }.
أورد هذه الروايات ابن القيم في زاد المعاد بألفاظها، قال:واختلف أهل العلم على قسمين: قوم يقولون: إنه طعام
حسي وماء معروف يسقى به عليه الصلاة والسلام ويأكل، وليس هذا بصحيح؛ لأنه لو كان كذلك لما كان صائماً
عليه الصلاة والسلام، ولو كان كذلك لما قال: {إني لست كهيئتكم } ولو كان كذلك لما كان له ميزة عليه الصلاة
والسلام عليهم في الوصال.
والصحيح أنه يطعم ويسقى بالمعارف التي تفاض على قلبه من الواحد الأحد، من لذة المناجاة، وحسن الذكر،
وعذوبة دعائه لمولاه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وبما يغدق على روحه، ويسدل على قلبه من ذكر ودعاء وتبتل يشبع ويروي
ولذلك ترى بعض الناس إذا سروا بأمر تركوا الطعام والشراب، وإذا سروا بأمر نزلت دموع الفرحة من خدودهم.
طفح السرور علي حتى إنني    من عظم ما قد سرني أبكاني
فبعض الناس لولهه ولكثرة سروره وفرحه يستعيض به عن الطعام، حتى قال الأول وهو يتحدث عن لذة قلبه بقدوم قادم،
أو بكلام حبيب، أو بمناجاة صاحب:
لها أحاديث من ذكراك تشغلها**عن الطعام وتلهيها عن الـزاد
لها بوجهك نورٌ يستضاء به **  ومن حديثك في أعقابهـا حاد
إذا تشكت كلال السير أسعفها **شوق القدوم فتحيا عند ميعادي
فكأنه عليه الصلاة والسلام لفرحه بعبودية ربه كان من أسر الناس قلباً، ومن أشرحهم صدراً، يستعيض عن كثرة الطعام
والشراب بهذا ولذلك يقول الأندلسي أبو إسحاق الألبيري لابنه في قصيدته الرائعة المبكية الحارة التي توجه إلى كل شاب،
وهي من أحسن القصائد والوصايا،
فقوت الروح أرواح المعاني     وليس بأن طعمت ولا شربتا
يقول: قوت القلب، وغذاء الروح هي جواهر المعاني من الآيات والأحاديث، وليس بأن تأكل وتشرب؛ لأن هذا للجسم، يقول:
تـفت فؤادك الأيام فـتـا         وتنحت جسمك الساعات نحتا
وتدعوك المنون دعاء صدق     ألا يا صـاح أنـت أريد أنتا
فكان عليه الصلاة والسلام يتغذى بالذكر والتهليل والتكبير والتسبيح والاستغفار، وبكثرة المناجاة، والدعاء، فأدعوكم
-أيها الأخيار والأبرار- إلى استغلال هذا الشهر في كثرة الذكر.
وننبه على الظاهرة التي نسأل الله أن يجعل مكانها خيراً ومبرةً ورحمة، ظاهرة استغلال النهار في النوم؛
فإنها وجدت عند الصالحين بكثرة، فتجد الصالح من الصائمين يقضي ساعات يومه في النوم، فما كأنه وجد للجوع حرارة
، ولا للظمأ مشقة، ولا وجد لمعاناة العبادة كلفة.
فأي حياة هذه الحياة في رمضان، إذا نام من الصباح إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ومن العصر إلى الغروب
، فما هو مفهوم الصيام إذاً في حقه، ثم أمضى الليل في السهر، وظاهرة تغيير برنامج المسلم في رمضان ليست بمحمودة
، بل على المسلم أن يكون على وتيرته، وما هو الداعي إلى أن يغير وقته لهذا الوقت، فيجعل وقت المناجاة والذكر وحرارة الجوع
، ومشقة الظمأ رقاداً ونعاساً ونوماً، فأين معنى الصيام؟!
يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  [البقرة:183]
فأعظم مقاصد الصيام التقوى، والتقوى تحصل بأن تعيش ساعات ودقائق الصيام لتتعامل معه، فما الفرق بين المفطر
الذي ينام النهار كله، وبين الصائم الذي ينام النهار كله. 
    اللهم أهله علينا بالخير واليمن والبركات وأعنا فيه على الصيام والقيام وفعل الخيرات وترك المنكرات
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عتقائك من النار اللهم أغفر ذنوبنا واستر عيوبنا
ووفقنا توفيقاً من عندك لقيام ليلة القدر ياااااااااألله.

أعداد أخوكم ومحبكم في الله : سند صالح بن نجيل      / اليمن
الإيميل :
Group

Or