الخميس، 14 أبريل 2011

كيف تغير من نفسك 2


الجزء الثاني
1- التأمل في عظم الجناية .
التفكير في التغيير لا يحصل إلا بالتأمل في عظم الجناية نتيجة الغفلة والإعراض عن الله عزَّ وجلَّ ، فيشاهد القلب من خلال هذا التأمل عظمة الرب سبحانه وتعالى وقوته وجبروته ، وأنه خالق هذا العالم العلوي والسفلي ، وأنه رازق هذه الكائنات جميعاً ، وأنه المحيي المميت الفعال لما يريد ، وأنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له . ويشاهد بعد ذلك ضعف نفسه وحقارته وفقره ، وهو مع ذلك متعدٍّ حدود الله عزَّ وجلَّ ، سائر في مساخطه ، بعيدٌ عن سُبل طاعته ، والربُّ مع ذلك يستره ويرحمه ويرزقه ويحلم عليه ، ويوضح له طريق الخير ليسلكه ، وطريق الشر ليجتنبه ، وهذا التأمل ينتفع به القلب أعظم انتفاع حيث ينزعج من هذا الواقع الذي يعيشه بعيداً عن الله تعالى ، ولا يزال يضرب على صاحبه ويحثه على تغيير هذا الواقع والسير في طريق الهداية والاستقامة .

2- العزيمة الصادقة :
بعد أن يتطلع القلب إلى التغيير لابد من العزيمة الصادقة على هذا التغيير ؛ لأنه لولا هذه العزيمة سرعان ما يفتر القلب ، ويزول عنه هذا الانزعاج ، والعزيمة هي العقد الجازم على المسير في طريق الاستقامة ، ومفارقة كل قاطع ومعوق ، ومرافقة كل معين وموصل ، فهي سبب في استمرار انزعاج القلب وانتباهه ورغبته في التغيير .
والعزيمة نوعان :
أحدهما : عزم الإنسان على سلوك الطريق وهو من البدايات .
والثاني : العزم على الاستمرار على الطاعات بعد الدخول فيها ، وعلى الانتقال من حالٍ كاملٍ إلى حالٍ أكمل منه ، وهو من النهايات ، وعون الله للعبد قدر قوة عزيمته وضعفها ، فمن صمم على إدارة الخير ؛ أعانة وثبَّته () .
ومتى صدق العبد في عزمه على سلوك طريق الطاعة والاستمرار فيه أعانة الله– عز وجل– بـ(( البصيرة )) وهي نورٌ يقذفه الله تعالى في قلبه يرى به حقيقة الأشياء ومحاسن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومساوئ المخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويتخلص بالبصيرة كذلك من الحيرة والشكِّ الذي يقطعه عن السير في طريق الهداية والاستقامة .

3- التوبـة :
والتوبة هي الرجوع عمَّا يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً ، وهي واجبة على الفور ؛ لقوله تعالى : ?وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ? [النور: من الآية31] .
والتوبة تتضمن ما يلي :
الإقلاع عن جميع الذنوب في الحال .
الندم على فعلها في الماضي .
العزم على ألاَّ يعاود الذنب في المستقبل .
العزم على فعل المأمور والتزامه في الحال والمستقبل .
فالتوبة إذن هي البداية العملية للتغيير ، ولا تصح عملية التغيير بدون توبة ، والتوبة كذلك تصاحب الإنسان في جميع مراحل حياته ، فليست خاصة بالعصاة كما يفهم بعض الناس ؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أطوع الخلق قال : (( يا أيها الناس ، توبوا إلى ربكم ، فوالله إني لأتوب إلى الله عزَّ وجلَّ في اليوم مائة مرة )) [ رواه مسلم ] .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق